اعادت قناة النيل الازرق بضع حلقات لبرنامج (دايما عامرين)، التي اجتهد فيها الشيف (اسامة) في التحايل على خيارات المطبخ السوداني (التقليدي) المحصورة بين طبيخ الملاح والمفروكة بالكسرة، فجاء بخيارات عجيبة لو وضعت أمامه شخصيا وطلب منه ضواقتها لما فعل ولو وضعوا على عنقه السكين.. ومن اطرف تلك التحديثات ما كان يوم صنع (فطيرة) من طبقات الكسرة المحشوة بالكوسة والبطاطس والفلفل المحمر وغطاها بكريمة من الجبنة السائلة ثم قطّعها حلقات بعد اخراجها من الفرن وأفتى وهو في غاية الانبساط بأن في الامكان تناولها (كده بس) أو يغمس بها الملاح.. محن!!
رغم دخول وصفات (ابلة نظيرة) إلى مطابخ الحضريين وأهل المدن عندينا، إلا أن أهلنا الطيبين في الريف ما زالت خيارات موائدهم تتراوح بين (أم شعيفة) و(أم تكشو) و(ملاح اللوبة) و(الويكاب).. حدثني من اثق في صدق روايته أن جيل اجدادنا وآبائنا قد انحصرت خيارات وجبات الطعام التي تربوا عليها، بين الملاح البايت للفطور وملاح اللوبة أو مشتقات الويكة للغداء، أما العشاء ففي الغالب الأعم كان (بليلة) والتي جاء منها الدعاء في صيغة المـثل (تابا عشاك بليلة)..
قمت - في رمضان الماضي - بزيارة لاحدى قرى البطانة لاداء واجب عزاء، وكان أن تأخرنا فأصروا علينا للبقاء وتناول الافطار معهم قبل العودة.. كان الجو جميلاً والدفء والحميمية هي سيدة المكان رغم الحزن على الفقد، وقرب مواعيد الآذان تواتر وصول الجارات والاهل بالاعمدة وصواني الفطور.. افترشت جميع الموجودات الارض على ابسطة وقامت كل واحدة فيهن بمد طعامها ببشاشة مدعومة بلفظة محببة أن (بسم الله.. تعالن جاي).. جلت بنظري أتأمل صواني الطعام الذي تباينت ألوانه أخضر.. بني.. كبدي، واتفق مضمونه كون أنه (ملاح ويكة) بالكسرة أو العصيدة، ورغم ذلك أكاد اجزم بأنها كان امتع وألذ ما تناولت من وجبات، ليس لطعمها ولكن لطعم المودة والكرم والطيبة التي حظيت بها يومها..
لا أدرى ما الذي دعاني لتذكر هذه (الفطرة) المبروكة أثناء قراءتي وأنا (اتمطق)، لتقرير (دسم) اجرته (صحيفة حكايات) واستقصت فيه عن عادة مستحدثة، انتشرت مؤخرا في الجامعات السودانية، وهي دخول (مواتر) خدمات التوصيل المنزلي التي تقدمها المطاعم الفاخرة إلى الحرم الجامعي، لتزويد ابناء العز وأكل الوز من طلبة الشهادة العربية والمغتربين ومن (لاك لوكهم) من ابناء الذوات، بما لذ وطاب وغلا من وجبات شهية، بينما على الجانب الآخر من (البنشات) يتحلّق زملاؤهم ابناء (الغبش) حول صحانة البوش المكونة من خلطة العيش مع موية الفول وموية الجبنة ورغوة الزيت!!
تباينت ردود فعل من استطلعتهم الصحيفة حول الظاهرة، فمنهم من ايدها كشابة يبدو انها من متعاطيات الدعة ورغد العيش، فافتت بأنه (أكل مضمون) وان عابه الغلاء فـ (الغالي بي غلاتو بيضوق حلاتو)، وعندما سألوها عن مشاعر زملائها غير القادرين على تلك (الضواقة) أفادت بـ (دي قسمتهم)!!
افادة تلك الشابة الصريحة لدرجة القسوة، ذكرتني بطرفة تناسب المقام.. قيل ان احدى الكليات التي تهتم بالسلوك الغذائي للانسان، طلبت من الخريجين اجراء مسح للريف السوداني، للتعرف على طريقتهم في التغذية، فكتب الطلاب استبيانات لملئها من المعلومات التي يتحصلون عليها من الاهالي.. نزلوا الى قرية فكان نصيب احد (الحناكيش) بيت أحد المزارعين البسطاء فسأله:
قاعدين تاكلوا شنو يا عمو في الفطور؟
فأجابه الرجل (فضلة خيرك .. بملاح أم تكشو يا ولدي)، فسأله من الغداء فأجابه (بالمتيسر يا ولدي .. مرات لوبة عفن ومرات باقي الفطور.. بنمشي) هنا استفسر الطالب: بتاكلو سلطة يا عمو؟ فنفى عمك التهمة بشدة، هنا نظر (الحنكوش) لاوراقه وسأل في رقة:
بتاكلوا في التحلية شنو يا عمو؟
فأفحمه الرجل:
آآجنا ات ماك طيب؟ أقولك بناكل أم تكشو تقولي (تحلية)؟!!
رغم دخول وصفات (ابلة نظيرة) إلى مطابخ الحضريين وأهل المدن عندينا، إلا أن أهلنا الطيبين في الريف ما زالت خيارات موائدهم تتراوح بين (أم شعيفة) و(أم تكشو) و(ملاح اللوبة) و(الويكاب).. حدثني من اثق في صدق روايته أن جيل اجدادنا وآبائنا قد انحصرت خيارات وجبات الطعام التي تربوا عليها، بين الملاح البايت للفطور وملاح اللوبة أو مشتقات الويكة للغداء، أما العشاء ففي الغالب الأعم كان (بليلة) والتي جاء منها الدعاء في صيغة المـثل (تابا عشاك بليلة)..
قمت - في رمضان الماضي - بزيارة لاحدى قرى البطانة لاداء واجب عزاء، وكان أن تأخرنا فأصروا علينا للبقاء وتناول الافطار معهم قبل العودة.. كان الجو جميلاً والدفء والحميمية هي سيدة المكان رغم الحزن على الفقد، وقرب مواعيد الآذان تواتر وصول الجارات والاهل بالاعمدة وصواني الفطور.. افترشت جميع الموجودات الارض على ابسطة وقامت كل واحدة فيهن بمد طعامها ببشاشة مدعومة بلفظة محببة أن (بسم الله.. تعالن جاي).. جلت بنظري أتأمل صواني الطعام الذي تباينت ألوانه أخضر.. بني.. كبدي، واتفق مضمونه كون أنه (ملاح ويكة) بالكسرة أو العصيدة، ورغم ذلك أكاد اجزم بأنها كان امتع وألذ ما تناولت من وجبات، ليس لطعمها ولكن لطعم المودة والكرم والطيبة التي حظيت بها يومها..
لا أدرى ما الذي دعاني لتذكر هذه (الفطرة) المبروكة أثناء قراءتي وأنا (اتمطق)، لتقرير (دسم) اجرته (صحيفة حكايات) واستقصت فيه عن عادة مستحدثة، انتشرت مؤخرا في الجامعات السودانية، وهي دخول (مواتر) خدمات التوصيل المنزلي التي تقدمها المطاعم الفاخرة إلى الحرم الجامعي، لتزويد ابناء العز وأكل الوز من طلبة الشهادة العربية والمغتربين ومن (لاك لوكهم) من ابناء الذوات، بما لذ وطاب وغلا من وجبات شهية، بينما على الجانب الآخر من (البنشات) يتحلّق زملاؤهم ابناء (الغبش) حول صحانة البوش المكونة من خلطة العيش مع موية الفول وموية الجبنة ورغوة الزيت!!
تباينت ردود فعل من استطلعتهم الصحيفة حول الظاهرة، فمنهم من ايدها كشابة يبدو انها من متعاطيات الدعة ورغد العيش، فافتت بأنه (أكل مضمون) وان عابه الغلاء فـ (الغالي بي غلاتو بيضوق حلاتو)، وعندما سألوها عن مشاعر زملائها غير القادرين على تلك (الضواقة) أفادت بـ (دي قسمتهم)!!
افادة تلك الشابة الصريحة لدرجة القسوة، ذكرتني بطرفة تناسب المقام.. قيل ان احدى الكليات التي تهتم بالسلوك الغذائي للانسان، طلبت من الخريجين اجراء مسح للريف السوداني، للتعرف على طريقتهم في التغذية، فكتب الطلاب استبيانات لملئها من المعلومات التي يتحصلون عليها من الاهالي.. نزلوا الى قرية فكان نصيب احد (الحناكيش) بيت أحد المزارعين البسطاء فسأله:
قاعدين تاكلوا شنو يا عمو في الفطور؟
فأجابه الرجل (فضلة خيرك .. بملاح أم تكشو يا ولدي)، فسأله من الغداء فأجابه (بالمتيسر يا ولدي .. مرات لوبة عفن ومرات باقي الفطور.. بنمشي) هنا استفسر الطالب: بتاكلو سلطة يا عمو؟ فنفى عمك التهمة بشدة، هنا نظر (الحنكوش) لاوراقه وسأل في رقة:
بتاكلوا في التحلية شنو يا عمو؟
فأفحمه الرجل:
آآجنا ات ماك طيب؟ أقولك بناكل أم تكشو تقولي (تحلية)؟!!
الإثنين 25 يناير - 2:49 من طرف سراج منير
» اشراك الساعة الصغرى
الأحد 24 يناير - 23:23 من طرف سراج منير
» آخر جيل من العرب
السبت 23 يناير - 8:03 من طرف سراج منير
» هلاك العرب في آخر الزمان
السبت 23 يناير - 7:46 من طرف سراج منير
» الملتقي العربي العاشر استشراف اداء الدوائر الحكومية شرم الشيخ –جمهورية مصر العربية للفترة من 5 – 8 ابريل 2020 م
الأحد 1 مارس - 5:22 من طرف محمد أحمد سويلم
» البرنامج التدريبي التميز والإبداع في التطوير الإداري وتنمية الموارد البشرية للفترة من 22-31 مارس 2020م تقام فى نفس التاريخ فى كلا من (دبي – القاهرة – اسطنبول – كوالالمبور )
الإثنين 20 يناير - 23:57 من طرف محمد أحمد سويلم
» ورشة عمل جدارات إدارة العمل بذكاء للفترة من 22-26 مارس 2020م تقام فى نفس التاريخ فى كلا من (دبي – القاهرة – اسطنبول – كوالالمبور )
الجمعة 10 يناير - 23:51 من طرف محمد أحمد سويلم
» ماجستير ادارة الاعمال بشرم الشيخ ( اقامة كاملة مع برنامج سياحي يشمل ( Diving and snorkeling في Blue Hole – حفلة مسائية على مسرح الف ليله وليليه – الذهاب ليلا الى منطقة Soho Square والتمتع بمشاهدة النافورة الراقصة )
الثلاثاء 7 يناير - 0:38 من طرف محمد أحمد سويلم
» الملتقي العربي العاشر (استشراف اداء الدوائر الحكومية ) شرم الشيخ –جمهورية مصر العربية
الإثنين 6 يناير - 0:10 من طرف محمد أحمد سويلم
» ماجستير إدارة العقود والمناقصات المهني المصغر
الإثنين 23 ديسمبر - 6:25 من طرف محمد أحمد سويلم
» فعاليات الورش والبرامج التي تبداء في 16 فبراير 2020 م
الخميس 5 ديسمبر - 3:43 من طرف محمد أحمد سويلم
» دعوة للمشاركة بالمؤتمر العربى العاشر : تكنولوجيا الموارد البشريه - بالقاهرة
الأربعاء 27 نوفمبر - 5:34 من طرف محمد أحمد سويلم
» فعاليات وحدة الشهادات المهنية باعتماد جامعة ميزوري الامريكية - فبراير 2020م
الثلاثاء 19 نوفمبر - 5:04 من طرف محمد أحمد سويلم
» البرنامج التدريبي أساليب تحليل المشكلات وصناعة القرارات للفترة من 5 - 9 يناير 2020 م
الخميس 31 أكتوبر - 4:47 من طرف محمد أحمد سويلم
» البرنامج التدريبي إستشراف المستقبل و أدواته في دعم إتخاذ القرار و بناء المستقبل للفترة من 22-26 ديسمبر2019م
الأربعاء 23 أكتوبر - 7:04 من طرف محمد أحمد سويلم